بديت القصة لما عزمت صديقتي المفضلة على كاسة أيسكريم احتفالاً بقدوم الصيف، كنت حريصة أختار النوع اللي بتحبه وبتستناه كل سنة، لكن السنة هاي كان إلها رأي تاني.
“صيف شو؟ مو شايفة كيف صايرة، سمنانة 5 كيلو عن السنة الماضية” هيك قالتلي
ولهاد السبب قررت صديقتي ما تحتفل بالصيف اللي كانت تنتظره عادة بفارغ الصبر كل سنة، ولا تاكل بوظة (أيسكريم) لأنها بتذكرها بالخمسة كيلوغرامات اللي عم تحملهن معها.
وهون فوراً تذكرت مراهقتي لما بلشت أكبر وبدأ جسمي يتغير …. وإجى الصيف!
أنا كمان -وبالرغم من أنه ما كنت واعية لهالشي- إلاّ أني بتذكر كيف رفضت أنه أخلع الشورت اللي كنت لابسته فوق المايو بسبب السيلوليت اللي لاحظته بهي الصيفية على جسمي، وقررت أنه ما يشوفه حدا غيري.
بتذكر كيف نهرتني بنت عمتي الأكبر مني بعشر سنين وقالتلي “حاج مياعة، مافيكِ شي” لما شاركت مخاوفي معها.
مؤخراً ماعاد عندي المشكلة نفسها بالسيلوليت، مارح أكذب وقول أني بحبه، لكني عالأقل مرتاحة معه.
لكني صرت شوف بوضوح أكتر قديش الصراع اللي منعيشه كبنات ونساء كل صيف عم يحوله من فرصة للمتعة والمرح والإجازات، إلى مصدر للهم والغم والمخاوف. وصرت مدركة أكتر لحاجتنا أنه نشارك هي المشاعر والأفكار مع بعضنا، لحتى نفهمها ونفهم حالنا وأجسامنا أكتر، نفهم صورة أجسامنا أكتر وشو يلي وصلنا لهون.
شو هي صورة الجسد اللي منسمع عنها؟
صورة الجسد هي مجموعة من الأفكار والمشاعر اللي منمتلكها تجاه أجسادنا، ممكن تكون أفكار إيجابية أو سلبية، وممكن تحسسنا بمشاعر إيجابية أو سلبية أو خليط من الاتنين. وبتتأثر بعوامل عدة، داخلية (بتتعلق فيكِ) وخارجية (بتتعلق بالبيئة المحيطة فيك).
وصورة الجسد إلها أربع نواحي أساسية:
الإدراكية:
هي الطريقة اللي بتشوفي فيها جسمك ككل، وما شرط تشكل انعكاس للصورة الفعلية لجسمك.
مثلاً: ممكن يكون جسمك ووزنك ونسبة الدهون فيه صحية، بس بنفس الوقت بتطلّعي على حالك بالمراية وبتشوفي إنك سمينة أو نحيفة/رفيعة “زيادة عن اللازم” ولازم تنزلي أو تزودي من وزنك أكتر (اللي ممكن بكتير أحيان يكون خيار مضر وغير صحي).
العاطفية:
هي الطريقة اللي بتشعري فيها تجاه جسدك، ممكن تكون مشاعر رضى، عدم رضى، استياء أو حب أو غيرها.
حتى تفهمي هاد الجانب أكتر، جربي وقفي قدام المراية، ولاحظي أول شعور بتحسي فيه؛ إعجاب؟ استياء؟ حب؟
وبعدها اسألي نفسك: هل هاد هو الشعور يلي بدي أشعر فيه لما أتطلع على جسمي؟
إذا كان جوابك لاء؛ بتبلش رحلة أكبر لتعرفي فيها كيف ومن وين عم تجي هي المشاعر، وكيف تقدري تحوليها للمشاعر اللي أنت بدك ياها.
الفكرية:
هي الطريقة اللي بتفكري فيها بجسمك، واللي ممكن تقودك للانشغال الزائد أحياناً والاستغراق بالتفكير بصورة جسمك وكيف بيظهر للناس من حواليكي.
السلوكية:
هي السلوكيات اللي بتاخديها بسبب صورة الجسد اللي عندك ياها، متل قرار صديقتي باعتزال الصيف والبيكيني والأيسكريم بسبب زيادة وزنها.
طيب وصورة الجسد الإيجابية .. كيف بتختلف؟
صورة الجسد الإيجابية بتعني بالدرجة الأولى: القبول. أنه نقبل أجسامنا متل ما هي، ونحترمها. هاد الشي ما بالضرورة يعني أننا “عاجبنا” كل شي بأجسامنا. متل مو أنا ما عاجبني السيلوليت، ورفيقتي ما عاجبها خطوط التمدد اللي عندها، بس هاد الشي ما عم يخلينا نكره أجسامنا، أو نقلل من قيمتها.
القبول والرضى هنن مفهومين مختلفين بس مكملين لبعض. القبول بيعني إنك تتقبل جسمك متل ما هو، بغض النظر إذا بتحب كل جزء منه أو لا.
يعني بتعرف أنه جسمك إله عيوبه ومميزاته، بس بتحترم هالشي وبتتعامل معه بمحبة. مثلاً، ممكن ما تكون راضي عن وزنك أو شكل بطنك، بس مع هيك بتتقبل حالك وبتقدّر جسمك على كل شي بيقدمه إلك.
من جهة تانية، الرضى هو إنك تكون سعيد ومبسوط بمظهر جسمك. يعني إذا اليوم حاسة إنك حلوة بالفستان الجديد ومرتاحة بشكلك، و”رضيانة” عنه ممكن هاد الرضى يتغير بكرا بسبب الدورة الشهرية اللي بتسببلنا انتفاخ بطن مثلاً وغيرها من التغيرات اللي ممكن تصير بجسمك …
ولهيك، القبول هو شعور أعمق وأكتر استقرار من الرضى، لأنه بيعتمد على فهمك الكامل لجسمك وتقديرك إله بكل حالاته.
بهالطريقة، القبول بيساعدك تعيش حياة صحية ومتوازنة بدون ما تحس بضغوط مستمرة لتغيير شكلك، بينما الرضى بيجي ويزول حسب الظروف الداخلية (كيف أنت عم تشوفي حالك) والخارجية (تأثيرات المحيط عليك).
صورة الجسد بمواجهة الإعلام
وبما أنه في صورة جسد إيجابية، أكيد في صورة جسد سلبية والداعم الأول لإلها هو الإعلام.
صورة الجسد السلبية هي الشعور والتفكير بشكل سلبي تجاه الجسم، وبتشمل عدم الرضى عنه وعدم تقبله؛ والمشكلة الأكبر أنه الموضوع ما بيوقف هون، وإنما بيستمر ليخلق مشاكل أكبر عند الفرد منها نفسية ومنها جسدية متل: اضطرابات المزاج، اضطراب تشوه الجسم، اضطرابات الأكل، قلة الثقة بالنفس، وأحياناً ممكن توصل للرغبة بإيذاء الذات.
طيب شو دخل الإعلام بصورة الجسد؟
الترويج يلي منشوفه بالإعلام وبوسائل التواصل الاجتماعي لمعايير جمالية غير طبيعية وغير واقعية متل:
- أجسام منحوتة وخالية من علامات التمدد والسيلوليت
- الإيدين والرجلين الناعمين واللي مافيهم ولا شعرة
- الصدر والمؤخرة المشدودين والمدورين
- الشفايف الممتلئة والمرسومة
- البشرة النقية اللي مافيها ولا حبة أو تصبغ
هاد القالب المتكرر اللي منشوفه دايماً سواء بالتلفزيون، على الإنستاغرام والتيكتوك وغيرهن، بيرسم في أذهاننا صورة وحدة للشكل “المثالي” للجسم والوجه. هاد الشي بيخلينا بوعي أو أحياناً باللا وعي نسعى دايماً لنوصل لهي الصورة يلي رسموها ونتخلى عن تفردنا.
وللأسف الشديد كتير منلاقي أنه الإعلام والأنظمة الرأسمالية بتستغل الصفات الطبيعية الموجودة بجسمنا متل السيلوليت، شكل الصدر، علامات التمدد وغيرها بصورة سلبية لحتى تسوق لمنتجاتها وتبيعها.
متل كيم كارداشيان اللي كانت حابة تقنعنا أنه خصرها المنحوت هو نتيجة “المصاصة القاطعة للشهية”
ومنشوف إعلانات مختلفة ومتنوعة عم تتسابق لتخلقلنا شعور بأنه وجود علامات تمدد طبيعية بينقص من جمالنا، أو أنه تغير شكل الصدر مع العمر بينقص من أنوثتنا.
وهيك، صرنا نبطّل نتصور بدون فلتر الإنستاغرام أو التيكتوك اللي بتغير شكل ملامحنا، نرفض نعيش حياتنا ونستمتع بالصيف لأنه مزعوجين من علامات التمدد اللي بأجسامنا، نخضع لعمليات تجميل بعمر صغير لحتى نصير نشبه الصور يلي رسموها هنن للجمال بدون ما يستشيرونا.
واللي بيقلقنا بزيادة هو التأثير السلبي اللي بيسببه الإعلام بخلق هي الصورة على المراهقين والمراهقات، لسا في نقص بالدراسات المعمولة على البلدان العربية خاصة في فئة المراهقين، لكن باستطلاع أونلاين أجرته مؤسسة الصحة العقلية ببريطانيا واللي تم على أفراد أعمارهن بتتراوح بين 13-19 حول صورة الجسد كانت النتائج كالتالي:
- تقريباً ثلث المراهقين (31%) بيشعروا بالخجل بخصوص صورة أجسامهم.
- أربعة من كل عشرة مراهقين ومراهقات (40%) قالوا أنه الصور على وسائل التواصل الاجتماعي خلتهم يصيروا أكثر قلق تجاه صورة أجسامهم.
- أكثر من ثلث المراهقين البريطانيين (35%) توقفوا عن الأكل بمرحلة معينة أو قيدوا نظامهم الغذائي بسبب القلق تجاه صورة أجسامهم.
- أربعة من كل عشرة مراهقين ومراهقات (40%) قالوا أنهم أكثر قلق تجاه أجسامهم بسبب يلي بيقولوه أصدقاؤهم.
- 35% من المراهقين قلقين بشأن صورة أجسامهم بشكل متكرر أو يومي، و37% شعروا بالحزن والخجل بشأن صورة أجسامهم.
من الواضح أنه وسائل التواصل الاجتماعي مع المجتمع والإعلام بيلعبوا دور كبير بالطريقة اللي منشوف فيها أجسامنا، وسواء منقدرها ومنقبلها أو لا، والإحصائية السابقة بتحكي قديش الصورة السلبية للجسد ممكن تسبب مشاكل صحية عقلية أو جسمية، وبتكون أكتر خطورة عن المراهقات والمراهقين وممكن تاخدنا لمشكلات أعقد نفسية أو جسدية هاد غير أنها بتعزز الممارسات التقليدية المؤذية للجسد متل الختان مثلاً يللي كمان عم نلاقي شركات وعيادات كتير بتروجله بمسميات جديدة متل “تجميل الشفرات”، “تضييق المهبل” وغيرهم.
كيف ممكن نؤثر إيجابياً على صورة الجسد؟
بعد كل يلي حكيناه، يمكن تكوني عم تقولي لحالك أوف الموضوع كتير كبير، شو فيني أنا أعمل قدام أنظمة عالمية!
لكن الحقيقة أنه دايماً كل شيء بيبدأ مننا ومن داخلنا، لهيك رح نحكي عن شوية شغلات ممكن تخليكي توصلي لعلاقة صحية أكتر مع صورة جسمك، أو حتى تساعدي حدا بمحيطك عم يعاني من صورة الجسد السلبية.
- ابنِ علاقة صحية مع جسمك: حتى تشوفي جسمك بصورة إيجابية وتقبليه، لازم يكون عندك علاقة صحية معه وتواصل دائم بينك وبينه. جسمك إله كتير حقوق عليك وحقه الأول أنه تسمعيله وتهتمي فيه. اهتمي بنظام أكل صحي، تمرّني (ما ضروري نادي رياضة) ممكن أي شكل تاني بتحبيه من الرياضة حتى لو مشي؛ لأنه الحركة هي من أهم العوامل اللي بتخدم الجسم.
ارتاحي كفاية، جسدياً ونفسياً لأنه التوتر والتعب والقلق رح ينعكسوا فوراً على جسمك كمان ورح يحس فيهم … تواصلي مع جسمك بالطريقة اللي بتحبيها سواء بالرياضة، بالرقص، أو حتى بالإمتاع الذاتي!
- تعوّدي على ممارسة الامتنان بدل من الأحكام: ممكن تلاقيها صعبة، بس بتبلش من أنه ننتبه على أفكارنا ومشاعرنا والأحكام اللي منطلقها تجاه أجسامنا أو حتى أجسام الآخرين. ملاحظة هي الأفكار والوعي لإلها ممكن يكون الخطوة الأولى لحتى نقدر نغيرها بعدين ونحولها من حكم لقبول ورضى.
اسمعي نفسك أكتر، وكوني منتبهة أكتر للأفكار اللي بتجيكي والمشاعر اللي بتحسي فيها تجاه جسمك؛ اسألي نفسك من وين جاية هي الفكرة؟ هل أنا حاببتها؟ بدي فكر بهي الطريقة، ولا حابة غيرها؟
- سيطري على الميديا اللي بتتعرضيلها:
اضحكي على الخوارزمية وخديها لصفك 😉 الخوارزميات الموجودة بالسوشل ميديا بتورجينا الشغلات اللي نحنا بدنا نشوفها، فإذا قضينا النهار كله عم نحضر فيديوهات لعارضات أجسامهن مانوكان ومعدلة، هاد كل يلي رح يطلعلنا بالأيام اللي جاية. لهيك جرّبي تنوعي الشغلات اللي بتحضريها، حالياً صار في كتير مؤثرات ومؤثرين بيحكوا عن الصحة الجسدية الإيجابية، ممكن حتى ما يكون شخص مؤثر، بس حدا حابب يشارك حياته الطبيعية متل ما هي وبدون تعديل.
وقت تصيري تشوفي أشكال ملامح مختلفة، أشكال أجسام مختلفة، وجوه فيها تصبغات وحبوب طبيعية، هاد كله بيخلق صورة متنوعة أكتر بذهنك تجاه الأجسام وبيبعدك أكتر عن القالب المرسوم والمنحوت اللي بدهن يانا نقعد فيه.
- مضّي وقت مع أشخاص عندهم صورة جسد إيجابية: لأنه الصاحب ساحب!
ولما منكون محاطين بأشخاص عندهم علاقات صحية مع أجسامهم، بيحبوها وبيقدروا تنوعها رح نكون أقدر على تقدير أجسامنا واحترامها ومحبة تنوعها.
وإذا كان عندك أطفال تذكري أنه صورة الجسد بتبلش من البيت، فأولادك رح يشوفوا كيف أهلهم بيتعاملوا مع أجسامهن، وكيف بيشوفوهم، ورح يشوفوا كمان كيف هي علاقتهم مع الأكل. لهيك كونوا حريصين على اختيار كلماتكن بعناية وقت حابين تحكوا مع أطفالكم عن أجسامهم، ودايماً بعّدوا عن مقارنة أجسامهم بأي حدا غيرهم.
وإذا كنت عم تعاني من صورة الجسد السلبية أو من مشاكل تانية متعلقة فيها، انضمي لمجتمعنا على إنستاغرام اللي منتشارك فيه التجارب ومنتعلم من خبرات بعض، ومنقوى ببعض.
وأخيراً، أنا عن نفسي رح ألبس بيكيني أكل بوظة وأشتم الأنظمة الرأسمالية عالبحر، حابة تجي معي؟
مصادر:
- Alicia Barney, 2024. How to Build a Positive Body Image. WebMD, available at: https://www.webmd.com/beauty/love_your_body_inside_and_out [Accessed 4th of July 2024].
- National Eating Disorders Collaboration. Body image, Available at: https://nedc.com.au/eating-disorders/eating-disorders-explained/body-image#:~:text=What%20is%20body%20image%3F,or%20a%20combination%20of%20both [Accessed 4th of July 2024].
- Rebecca Joy Stanborough, 2020. What to Know About a Negative Body Image and How to Overcome It. Healthline, available at: https://www.healthline.com/health/negative-body-image#treatment [Accessed 4th of July 2024].
- Mental Health Foundation. (2019). Millions of teenagers worry about body image and identify social media as key cause – new survey. Mental Health Foundation, available at: https://www.mentalhealth.org.uk/about-us/news/millions-teenagers-worry-about-body-image-and-identify-social-media-key-cause-new-survey-mental [Accessed 4th of July 2024].