يعني إيه علاج تحويلي؟
في البداية، نحب نعرفكم بمصطلح “العلاج التحويلي” واللي هو بالإنجليزي “Conversion Therapy”. ودي مجموعة من الممارسات يُدعى إنها طبية ونفسية أو دينية وروحانية بيكون هدفها محاولة “تغيير” الميول الجنسية أو الهويات الجندرية للأفراد.
الممارسات دي بيتم توجيهها خاصة، لكن مش حصرياً، تجاه الأفراد المثليين والمثليات والعابرين والعابرات عشان “يتعالجو” من مثليتهم/ن باعتبارها اضطراب أو مرض يمكن علاجه أو تغييره. وبيتم التسويق لفكرة “العلاج التحويلي” على أنه الحل السحري للقضاء على المثلية أو التعافي منهم.
اللي بيروجو لفكرة “لعلاج التحويلي” غالباً بيستخدمو معاناة الأشخاص المثليين/ات من قمع ورفض مجتمعي أو مشاكل عائلية عشان تبقى هي دي المدخل لبيع فكرة العلاج التحويلي كوسيلة هتخلص الأشخاص من معاناتهم/ن. كأن المعاناة دي تم خلقها من اختلاف الميول الجنسية نفسها مش من المجتمع وتعامله العنيف معاها.
و غالباً بيستخدموا خطاب ديني وعاطفي لاستقطاب الأشخاص لإقناعهم/ن بالتغيير، و بيروج لإن الميول الجنسية المتنوعة أساسها مشاكل مرتبطة بالطفولة تعرض لها الأشخاص. زي مثلاً: حوادث اعتداء جنسي، أو إهمال أسري، أو علاقة غير مستقرة مع الأهل، أو صعوبة في الاندماج في المجتمع بشكل عام أو في دوائر الأصدقاء بشكل خاص، لكن بشكل علمي كل التفسيرات دي مالهاش ارتباط بالميول الجنسية المتنوعة للأفراد.
العلاج التحويلي.. عنف بشرعية طبية وهمية
تاريخيًا “العلاج التحويلي” بدأ ظهوره في أوروبا في أوائل القرن العشرين وارتبط باعتبار المثلية الجنسية ضمن الاضطرابات العقلية. في البداية محاولات العلاج كانت بتتم عن طريق التنويم المغناطيسي وهو عبارة عن محاولة تنويم الأشخاص سواء باستخدام أدوية مخدرة/ نباتات مخدرة، أو عن طريق التنويم الإيحائي باستخدام أصوات هادية وموسيقى، وأثناء نوم الشخص، الطبيب بيقول له مجموعة من الجمل اللي بتحاول تقنعه بتغيير أفكاره ومشاعره عن موضوع معين، وهنا كان بيتسخدم لترهيب الناس من المثلية الجنسية ومحاولة إقناعهم بـ”تغيير ميولهم” والتأثير عليهم.
وعلى الرغم من أن منظمة الصحة العالمية أزالت المثلية الجنسية من قائمة الاضطرابات العقلية في عام 1990 واعترفت بإن ممارسات العلاج التحويلي هي ممارسات غير طبية أو أخلاقية،
إلا إن ممارسات “العلاج التحويلي” استمرت في أوروبا بشكل أعنف، عشان تشمل علاج باستخدام صدمات كهربائية وأدوية بشكل بيأثر على الصحة الجسدية والعقلية للأشخاص اللي بيخضعولها وبيعرضهم لمخاطر صحية ونفسية.
“العلاج التحويلي” وآثاره النفسية
بعكس اللي بيدعيه مروجي العلاج التحليلي، في دلائل علمية وأبحاث بتقول إن العلاج التحويلي بشتى أشكاله ممكن يسبب أذى نفسي وجسدي على الأفراد اللي بيتعرضوا له. على سبيل المثال، جمعية علم النفس الأمريكية (APA) ذكرت في بيان عام 2009 أنه “لا يوجد دليل موثوق يفيد بأن العلاج التحويلي أو العلاجات التي تهدف إلى تغيير الميول الجنسية قد تكون فعالة”. وحذرت APA أن الممارسات دي ممكن تأثر بشكل سلبي على اللي يتعرضولها وتسببلهم/ن اكتئاب وقلق وانخفاض احترام الذات وكمان بتحفز الأفكار الانتحارية وبتدفعهم/ن لتعاطي المخدرات.
وسنة 2018 جمعية علم النفس الأمريكية أجرت تحليل لـ 57 دراسة عن الصحة النفسية وارتباطها بممارسات العلاج التحويلي ولقت إن في تأثير سلبي متزايد على الصحة العقلية للأشخاص اللي تعرضوا للعلاج التحويلي مقارنة بالأشخاص اللي ماتعرضوش ليه مع ظهور علامات قلق واكتئاب وأفكار انتحارية.
دجالين “العلاج التحويلي” في مصر
في مصر، بسبب الملاحقة المستمرة والاستهداف للمثليين/ات رغم عدم وجود نص قانوني واضح لتجربم أو إدانة تنوع الميول الجنسية ، بعض المجموعات الدينية و بعض دجالين “الطب النفسي” مكملين في الترويج للعلاج التحويلي كوسيلة فعالة “للتعافي” من المثلية، مع الترويج لسردية إن تنوع الميول هي مشكلة بتهدد مجتمعاتنا العربية فلابد من التخلص منها و”شفاءها”.
بالإضافة إلى المؤسسات الطبية اللي بتدعي صحة “العلاج التحويلي” على يد كتير من المعالجين والمعالجات النفسيين اللي بيروجوا نفسهم على أنهم بـ”يعالجوا المثلية” وبيستخدموا الموضوع كمصدر ربح مادي، وشهرة مجتمعية، وبتتنوع أساليبهم في تطبيب الدجل ما بين العلاج السلوكي أو العلاج بالهرمونات أو العلاج الجمعي أو العلاج بالتنويم.
وفي مصحات نفسية شهيرة بتتعاون مع الأهالي لحجز أولادهمن بالغصب وإدعاء معالجتهم قسرًا بحجة رغبتهم في التعافي من المثلية “تقويم” ميولهمن وده نوع من أنواع العنف الأسري المتبارك بغطاء طبي.
طريقة تحويلية “للعلاج التحويلي”
شادي “اسم مستعار”، وهو شاب مصري ثلاثيني، شاركني تجربة شخصية للعلاج التحويلي في واحدة من عيادات الدجل الحديث، وهي عيادة د. أ.و
راح شادي بعد ضغط من والديه عشان “ينصلح حاله” ويبطل “ميوله الغريبة” لأنهم كانوا شاكين فيه بسبب علاقاته مع أحد أصدقائه، ومن هنا بدأت الرحلة اللي وصفها شادي بالـ”مغامرة”، لأنه كان عارف وعنده فكرة عن تخاريف العلاج التحويلي السلوكي وطرقه “الحديثة” بسبب قرايته واهتمامه أصلًا بالبحث ورا فكرة العلاج التحويلي.
ووصفه د. أ.و بانه عنده “عجز في الهوية” وإنه محتاج يشتغل على شخصيته وبناء هويته لأنه شايف إن المثلية الجنسية مشكلتها الأساسية إن الشخص المثلي/ة مش قادر يكوّن شخصية وهوية واضحة ولا قادر ينتمي للمجتمع بشكل سليم عشان كده بيسعى لخلق هوية مختلفة”.
كمان نصح د. أ.و شادي إنه يتملي بالحب الحقيقي عشان “يتعالج” من حبه للرجالة، لكن شادي قرر يحول التجربة المؤذية لساحة تعارف شرعية على “رجالة” عندهم نفس ميوله، ودي كانت طريقة تحويلية “للعلاج التحويلي”.
“أنا كنت بقول إني هتعامل مع العيادة كديتنج آب (موقع تعارف) بس لايف (مباشر)، وجابت نتيجة بصراحة بس في تعارف على دواير لطيفة” ده اللي قالهولي شادي، لكنه كمان ما أنكرش صعوبة وثقل التجربة من حيث الجلسات المليانة بكلام فارغ وكله وصم وتجريح من د. أ.و.
دور المجتمع الكويري والأفراد في مناهضة “العلاج التحويلي”
المؤسسات والمجموعات كويرية، بيقع عليها مسئولية التوعية بمخاطر الانسياق ورا فكرة العلاج التحويلي، عن طريق نشر معلومات ودراسات علمية موثقة تناهض الفكرة والتأكيد على إن تسويق الفكرة هو هدفه ربحي بشكل كبير، وأساسه مبني على رفض التنوع والالتزام بسردية إننا كلنا نسخ واحدة مكررة، وده مش مبني على أي أساس علمي أو نفسي صحيح.
مع تفكيك فكرة “العلاج التحويلي” ومحاولة فضح ممارساته العنيفة والقمعية، لأنه مفيش علاج بيتوصف لشخص مش مريض، وبالتالي أصحاب الميول الجنسية والهويات الجندرية المتنوعة مش محتاجين علاج!
والأفراد اللي بيعرفوا نفسهمن كمثليين/ات، أو منخرطين في دوائر فيها أشخاص مثليين/ات، وكمان الأباء والأمهات مهم يعرفوا التأثير النفسي للعلاج التحويلي وتأثيره السلبي على الصحة النفسية للأشخاص اللي بيتعرضوا له، ويتفهموا إن القبول للتنوع والدعم المعنوي والعاطفي لأبنائهمن وللأشخاص اللي مهتمين بأمرهمن هو دورهمن مش دورهمن محاولات تغييرهمن.
تابعوا حملتنا عن “العلاج التحويلي” على منصات السوشيال ميديا.. وشاركونا رأيكم.