خلال أوقات الحروب والنزاعات بتواجه كل أفراد وطبقات المجتمع مخاطر وتحديات معينة، وبتزيد حبتين على فئات الأقليات وغير الممثلة بشكل كافي (underrepresented) في المجتمع متل النساء، مجتمع الميم، والعابرون والعابرات جنسياً.
في المقال ده هنركز على التجارب اللي بيعيشها العابرون والعابرات جنسياً خلال الحروب، وعن التحديات والمخاطر اللي بيواجهوها دون غيرهم.
لكن خلينا نبدأ الأول بتعريف عن العابرين والعابرات؛ مين هم؟
الشخص العابر جندرياً هو الشخص اللي هويته الجندرية بتختلف عن نوع الجنس الموثق في شهادة ميلاده الأصلية.
هو إيه الفرق أصلاً مابين الجنس والجندر؟
تعالوا نوضح الفرق ما بينهم بإختصار:
الجنس هو اللي بيتحدد عند ولادة الطفل وغالباً بيكون على حسب الأعضاء التناسلية الظاهرة عند المولود اللي بناءاً عليها بيحدد الدكتور جنس المولود على أنه (أنثى، أو ذكر). في مناقشات كتير متعلقة بموضوع تحديد الجنس عند الولادة ده هنتكلم فيها في مقالات جاية.
أما الجندر (النوع الاجتماعي) فهو تركيب اجتماعي بيعبّر عن الأدوار الاجتماعية، العلاقات، والطريقة اللي بنظهر فيها للمجتمع كنساء، ورجال (أو غيرهم). وبما أنه تركيب اجتماعي ده معناه بيتغير من مجتمع لمجمتع، وعبر التاريخ حسب المكان وحسب الزمن كمان، فالمرأة بالمجتمع المصري بعام 1930 ممكن ما تشبه المرأة بالوقت الحالي في مصر. والرجل اللي عايش في أوروبا في عام 2024 مختلف في الطريقة اللي بيعبر فيها عن نفسه، وبيعيش علاقاته عن الرجل اللي عايش في سوريا في عام 2024 وهكذا.
علشان كده مافيش مسطرة وحدة نعرّف بيها يعني إيه “رجل” أو يعني إيه “امرأة”.
ومن هنا نقدر نفهم أكتر معنى العبور الجنسي والجندري.
فالعبور الجندري هو العبور من الهوية الجندرية المتوقعة من الشخص حسب جنسه المعين له عند الولادة، إلى الهوية الجندرية اللي بتطابق هويته الداخلية، والتعبير عن هي الهوية ممكن يكون عن طريق اللبس، طريقة التعامل مع المحيط، طريقة الكلام، تغيير الجنس، وأشياء تانية.
العابرين والعابرات جنسياُ أو/و جندرياُ بيواجهوا، في الأيام العادية، صعوبات وتحديات بسبب تعسف المجتمعات ضدهمن وإقصائهم ليهمن ولحقوقهمن. في السطور الجاية هكلمكم عن بعض الصعوبات والتحديات دي، اللي بنقدمها من منظور حقوقي ومن مبدأ إن كل البني آدمين لهم الحق في العيش بحرية وكرامة. بعدها، وبناءً على المعلومات المتاحة عن التحديات اللي بتواجه الأفراد العابرين والعابرات جنسياً وجندرياً هقدم تحليل عن وضع الأفراد دول خلال أوقات الحروب والنزاع المستمرة في منطقتنا حالياً وإزاي ممكن الفئات المهمشة زي العابرين والعابرات جنسياً وجندرياُ يكونوا بيواجهوا صعوبات ومخاطر مضاعفة في الظروف دي.
-
الوصمة والإقصاء الاجتماعي
في أمريكا مثلاً، في دراسة عملها مركز Pew Research Center في ٢٠٢٢ على العابرين الأمريكيين البالغين، أشارت أنهم بيتعرضوا للنبذ الاجتماعي بسبب هويتهم الجندرية. في بعض من الأشخاص اللي شاركوا في الدراسة، قالوا أنهم/ن بيقرروا لو هيقولوا أنهم/ن عابرين/ات على حسب لو حسوا بالأمان في الموقف ولا لأ. بس ده مش دايماً بيكون اختيار لأن في بعض الأحيان، ممكن يتعرف إنهم/ن عابرين/عابرات من مظهرهم/ن الخارجي.
-
الصعوبات القانونية
حسب مقال تحليلي نشرته The Tahrir Institute for Middle East Policy في ٢٠٢٢، مفيش طرق واضحة بتوفر للعابرين/انت جندرياً الحصول على اعتراف قانوني بنوعهم/ن الاجتماعي في مصر ولبنان وتونس، وده بيعرضهم/ن لانتهاكات من قبل قوات الأمن زي الاعتقالات التعسفية، والتمييز الممنهج ضدهم/ن في مجالات الرعاية الصحية، والسكن، والتوظيف.
في بعض الأحيان، العابرين/ات بيختاروا أنهم/ن يهاجروا للبلاد الغربية عشان يتجنبوا التهديد والعزلة اللي حسوا بيهم في المجتمعات العربية، بس للأسف بعض منهم/ن بيلاقوا أنهم بيواجهوا تمييز من نوع تاني في صورة عنصرية وبيفضل إحساسهم/ن بالرفض والعزلة موجود.
-
الصعوبات الاقتصادية
في دراسات نشرتها Human Rights Campaign بتقول أن معدلات الفقر بين العابرين في أمريكا مرتفعة بشكل ملحوظ، والوضع بيكون أصعب بالنسبة للعابرين/ات اللي لونهم/ن مش أبيض. حوالي ٢٩٪ من البالغين العابرين جنسياً بيعانوا من الفقر، والنسبة بترتفع لـ٣٩٪ بين العابرين السود، و٤٨٪ بين العابرين اللاتنيين.
-
الصحة العقلية
حسب مقال نشرته منظمة Health Partners، معدلات الاكتئاب والقلق ومحاولات الانتحار بترتفع بين العابرين/ات، وده بيرجع لعوامل مختلفة، زي أن بعض من العابرين والعابرات بيحسوا بالوصم الذاتي وبالوحدة والعزلة بسبب رفض المحيط ليهم واضطرارهم إما أن يتحملوا الوصم والنبذ أو أنهم يخفوا هويتهم الحقيقية حتى يتجنبوه.
-
العنف
نفس المقال اللي نشرته منظمة Health Partners بيقول أن العابرين/ات بيواجهوا معدلات أعلى بكتير من العنف الجسدي والاعتداء الجنسي مقارنة بباقي أفراد المجتمع. معدلات العنف دي بتزيد بالنسبة للنساء العابرات.
دي كلها صعوبات بيواجهها العابرين/ات في الظروف الطبيعية، بس في حالة تواجدهم/ن في مناطق حرب ونزاع، وضعهم/ن بيكون أصعب وأكثر خطورة.
بالرغم من قلة الدراسات المعمولة عن وضع العابرين/ات هنستعين بدراسات بحثت بأوضاع العابرات والعابرين جنسياً في حروب ونزاعات حصلت من قبل في مناطق تانية، ودلوقتي.
خلينا نبدأ بالرعاية الصحية اللي بتشكل واحدة من أهم جوانب الحياة السليمة للعابرين والعابرات جنسياً.
الرعاية الصحية للعابرين/ات في أوقات النزاع
في غزة، الحصار المفروض من قبل السلطات الإسرائيلية بيفرض قيود على حركة الأشخاص والوصول إلى الخدمات الأساسية. والقيود دي بتصعب على الأشخاص العابرين والعابرات جندرياً الحصول على الرعاية الصحية الضرورية، زي العلاج بالهرمونات والدعم الطبي. عدم القدرة على الوصول للعناية الصحية ليه تأثيرات سلبية كتيرة على الصحة النفسية والجسدية للأفراد العابرين والعابرات وحياتهمن.
الصحة الجسدية
الأشخاص العابرين والعابرات جندرياً اللي مش بيقدروا يحصلوا على العلاج الهرموني، بيواجهوا عواقب صحية خطيرة. العلاج الهرموني هو جزء أساسي من الرعاية الصحية للعابرين والعابرات، لأنه بيساعد في تحقيق التوازن الهرموني اللي بيتماشى مع هويتهم/ن الجندرية، والتوقف عن العلاج ممكن يؤدي لاضطرابات هرمونية ويسبب مشاكل صحية زي:
تغير مستويات الهرمونات متل الإستروجين أو التستوستيرون، واللي ممكن يسبب أعراض زي التعب، وزيادة الوزن، وعودة بعض الصفات الجسدية للحالة اللي كانت عليها قبل العلاج الهرموني.
مثلاً، بالنسبة للرجال العابرين، ممكن يرجع يجيلهم الدورة الشهرية ويحصلهم/ن تقلص في الكتلة العضلية، وممكن العابرات شعرهم/ن ينموا تاني ويحصل تغيرات في توزيع الدهون، وده ممكن يؤدي إلى الإحساس بالقلق والاكتئاب، ويأثر على ثقتهم/ن بالنفس.
الصحة النفسية
عدم الحصول على العلاج الهرموني والرعاية الصحية ممكن يسبب مشاكل وآثار نفسية زي:
- زيادة مستويات التوتر والقلق: في مراجعة عملتها nature human behavior في ٢٠٢٣ لاقت أن الأشخاص العابرين والعابرات جندرياً اللي مش بيحصلوا على العلاج ممكن يعانوا من زيادة في مستويات التوتر والقلق بسبب التغيرات الجسدية غير المرغوب فيها واللي مش بتتماشى مع هويتهم/ن الجندرية.
- الاكتئاب: في دراسة عملتها National Library of Medicine في ٢٠١٦، بتقول أن الأشخاص العابرين جنسياً أكثر عرضة للإبلاغ عن أعراض الاكتئاب (53.9% مقابل 33.4%) ومحاولات الانتحار مقارنة بالأشخاص غير العابرين جنسياً. والدراسة دي كمان وضحت أن التعرض للتمييز ممكن يزود المخاطر دي.
- زيادة خطر الانتحار: الأشخاص العابرين والعابرات جندرياً اللي بيعانوا من تمييز وعنف وعدم الحصول على الرعاية الصحية اللازمة معرضين لخطر التفكير في الانتحار أو محاولات الانتحار. في دراسة عملتها Stanford Medicine لاقت أن الأشخاص العابرين/ات اللي محصلوش على العلاج الهرموني عندهم معدلات اعلى للتفكير في الانتحار، وتعاطي المخدرات مقارنة بالأشخاص اللي حصلوا على العلاج.
وفي مقال بيتكلم عن وضع العابرات والعابرين في أوكرانيا بتكلمنا بولينا س. (أمرأة عابرة جنسياً) كيف أثر الغزو الروسي لأوكرانيا على عملية عبورها الجنسي بسبب التضييق على الوصول للعلاج الهرموني وارتفاع تكاليفه، ناهيك عن محاولات التحرش اللي بيتعرضلها الأشخاص العابرين والعابرات جندرياً.
عدم توفر الرعاية الصحية والعلاج الهرموني للأشخاص العابرين والعابرات جندرياً في مناطق الحروب بيؤدي لعواقب خطيرة على صحتهم/ن الجسدية والنفسية. عشان كده لازم يكون في مجهود مكثف من المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية عشان توفر الرعاية الصحية الشاملة والدعم اللازم ليهم/ن لضمان حقوقهم/ن وصحتهم/ن وسلامتهم/ن.
نزوح العابرين والعابرات
من بداية حرب الإبادة على غزة في ٧ أكتوبر 2023، أكتر من مليون و٩٠٠ ألف من سكان قطاع غزة نزحوا من منازلهم حسب اللي قالته وكالة الأمم المتّحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في شهر يناير، وقالت الوكالة الأممية أن العدد ده بيمثل ٨٥% من سكان القطاع، وأن بعض العائلات اضطرت للنزوح كذة مرة، بحثاً عن الأمان.
وفي ظل اللي بيحصل في السودان والحرب اللي بقالها سنة صارت السودان أكبر بؤرة نزوح في العالم مع نزوح 8.8 مليون شخص منهم 2 مليون عبروا الحدود بحسب آخر تحديث أصدرته UNOCHA
وبحسب المقال اللي بيتكلم عن أوضاع العابرين في أوكرانيا واللي نشرته Open Democary في ٢٠٢٣ بيأكد كمان على ضرورة وحاجة العابرين والعابرات إلى إكمال انتقالهم القانوني حتى يتمكنوا من ترك البلاد، عدا عن أن كل تعامل لهمن مع الشرطة بيحمل لهمن المضايقات والإذلال.
فالنزوح بالنسبة للعابرين والعابرات فيه صعوبة أكبر، لو قرروا يهاجروا من البلد اللي هم فيها، ويروحوا دولة تانية، لأن أوراقهم القانونية ممكن ماتكونش مكتملة لسا وده بيزيد صعوبة السفر عليهم وبيوقف في طريق أنهم يوصلوا لمكان آمن بعيد عن الحرب والخطر.
خاتمة
إلى جانب التحديات اليومية اللي بيواجهوها العابرين والعابرات جنسياً خلال ظروف حياتهمن الطبيعية، بتزيد المخاطر، الصعوبات والضغوطات اللي بيتعرضولها خلال أوقات الحروب.
من العنف الاقتصادي إلى العنف الصحي، والقانوني؛ كلها بتضيف تعقيد زائد للحياة خلال الحروب وبتخلي الضغط اللي بيتعرضوله العابرين والعابرات مضاعف.
عشان كده ضروري أن الحكومات تقدم اهتمام أكبر بحقوق العابرات والعابرين سواءً على المستوى الصحي أو القانوني أو الأمني. ومن الضروري كمان على المنظمات غير الحكومية أنها تاخد الإجراءات اللازمة لحماية حقوق العابرين والعابرات خاصة في مناطق وأوقات الحروب والنزاع سواء بتوفير ملاجئ آمنة، دوائر دعم نفسي واجتماعي، أو دعم وتسهيلات قانونية.
ومهم كمان نفتكر أننا لازم نوقف جنب ببعض في الأوقات الصعبة اللي زي دي ونقدم الدعم والمساندة لأي شخص بيتعرض لتمييز أو عنف، لأن الأوقات دي هي اللي المفروض نقوى فيها ببعض حتى نقدر نتغلب عليها.
المصادر:
1. ANNA BROWN, 2022. The experiences, challenges, and hopes of transgender and nonbinary U.S. adults. Pew Research Center, Available at: https://www.pewresearch.org/social-trends/2022/06/07/the-experiences-challenges-and-hopes-of-transgender-and-nonbinary-u-s-adults/ [Accessed 12 June 2024].
2. Nora Noralla, 2024. الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: منطقة قاسية بشكل متزايد للمدافعين عن حقوق الإنسان. The Tahrir Institute for Middle East Policy, Available at: https://timep.org/post-arabic/%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B3%D8%B7-%D9%88%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7-%D9%85%D9%86%D8%B7%D9%82%D8%A9-%D9%82%D8%A7%D8%B3%D9%8A/ [Accessed 12 June 2024].
3. Human Rights Campaign, 2024. Understanding the transgender community. Available at: https://www.hrc.org/resources/understanding-the-transgender-community [Accessed 12 June 2024].
4. HealthPartners, 2024. Mental health in the transgender community. Available at: https://www.healthpartners.com/blog/mental-health-in-the-transgender-community/ [Accessed 12 June 2024].
5. Human Rights Watch, 2024. Israel and Palestine. Available at: https://www.hrw.org/world-report/2024/country-chapters/israel-and-palestine [Accessed 12 June 2024].
6. David Matthew Doyle, 2023. A systematic review of psychosocial functioning changes after gender-affirming hormone therapy among transgender people, Nature, Available at: https://www.nature.com/articles/s41562-023-01605-w [Accessed 12 June 2024].
7. Kinnon R. MacKinnon, 2022, Health Care Experiences of Patients Discontinuing or Reversing Prior Gender-Affirming Treatments, National Center for Biotechnology Information, Available at: https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC9315415/ [Accessed 12 June 2024].
8. Erin Digitale, 2022. Mental health and hormone treatment for transgender people. Stanford Medicine, Available at: https://med.stanford.edu/news/all-news/2022/01/mental-health-hormone-treatment-transgender-people.html [Accessed 12 June 2024].
9. AJ Net, 2024. أونروا: مليون و900 ألف شخص نزحوا من Available at: https://www.ajnet.me/news/2024/1/8/%D8%A3%D9%88%D9%86%D8%B1%D9%88%D8%A7-%D9%85%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%86-%D9%88900-%D8%A3%D9%84%D9%81-%D8%B4%D8%AE%D8%B5-%D9%86%D8%B2%D8%AD%D9%88%D8%A7-%D9%85%D9%86 [Accessed 12 June 2024].
10. Kateryna Farbar, 2024. Ukraine’s trans people face war without gender identity documents or hormones. OpenDemocracy, Available at: https://www.opendemocracy.net/en/odr/ukraine-trans-people-war-lgbt-gender-identity-documents-hormones-zelenskyy-eu/ [Accessed 12 June 2024].
11. United Nations Office for the Coordination of Humanitarian Affairs, 2024. Sudan. Available at: https://reports.unocha.org/ar/country/sudan [Accessed 12 June 2024].