Skip to content

إحنا هنبيّن بس حتة من المعاناة.. عن دراما رمضان 2025!

مدة القراءة: 4 دقائق

في رمضان 2025، كنت بتابع المسلسلات، بشكل شبه طريقتي في تناول الحلويات، حتة من كل طبق كده، ولفت نظري إن في كثير من الناس السنة دي بالذات كانت بتحلل كل جملة وكل مشهد درامي، حتى لو مقتطع من سياقه، ويطلعوا منه حكم ومواعظ ودروس نسوية أو دروس إنسانية!

فقررت ألتزم الصمت، ناحية كل قصص رمضان اللي شفتها، لحد ما أفهم الكلام على إيه، بس اللي لفت نظري رغم كل القضايا اللي تناولتها الدراما خاصة المسلسلات المصرية من: عنف جنسي (تحرش واعتداءات واغتصاب زوجي)، واستمالة الأطفال، والتشنج المهبلي، والعنف الزوجي، والطلاق، وإلى آخره.. إن بعد كل ده إحنا بيّنا بس حتة من المعاناة! وماشفناش ولا ربع حقيقة مجتمعاتنا، والشر اتهزم، والخير انتصر انتصارات ساحقة والمشاهدين كلهم صقفوا ونمنا في تبات ونبات إحنا وكل الصبيان والبنات!

هو إحنا فين، في لندن؟

بعض الناس وقت مشاهدتها القصص دي، حست أنه فين الأخلاق؟ فين الحياء؟ فين مجتمعنا المصري الجميل، وليه نتكلم عن القصص دي ونفتح عيون بناتنا وشبابنا، هو إحنا فين؟ في لندن؟ لكن الحقيقة إن مجتمعنا شايل طبقات أكتر وأكتر من الجرائم اللي بتحصل في حق النساء والأطفال وحتى الرجالة، وساكت، وده مش بس لأنه مختار السكوت، ده لأن تفكيك القضايا دي هيعني هدم أسر فعلًا، أسر مبنية على الباطل، يعني ازاي هنتعامل مع أب بيتحرش بأطفاله؟ وإزاي نقول لطفلة إن جدك اللي المفروض مصدر للأمان والحنية متحرش؟ أو إن شاب في مراهقته ممكن يبقى مغتصب وهو أصلًا مش فاهم يعني إيه اللي عمله؟! هل كل ده هيتقابل بالحبس المشدد وسلامو عليكو؟ طب وتبعات ده هنتعامل معاها إزاي؟ ولا هنقفل المشهد و Cut على كده؟!

الدراما السنة دي قشرت قشرة صغيرة من على سطح البلاوي، وقدمت حلول معلبة، زي العلاج النفسي في جلستين، والأحكام القضائية المشددة دون أدلة قاطعة، طبعًا فاهمين أن الدراما بتحاول تعمل ده عشان تحاول تنقل للمجتمع إن في أمور لا يمكن التساهل معها، وأن العقوبات شديدة، وإن في حلول لكل شيء، بس هل ده حقيقي؟ وأنا هنا مش بتكلم إن الدراما غلطانة أو كانت لازم تعمل دور تاني.. أنا هنا بتكلم عن الواقع.

الحقيقة إن العلاج النفسي مش بيحل كل شيء، وإن في قصص هتفضل مؤلمة ومؤثرة فينا ولو بعد 100 جلسة، وإن العلاج النفسي بيساعدنا نبدأ الرحلة اللي لابد نكملها مع نفسها، لكن كدبة أنه ساحر هي هي نفسها زي كدبة أنك هتشيلي شعرك بالليزر في 6 لـ 8 جلسات فقط، مفيش الكلام ده، ومش لازم فهمنا لمشاكلنا وللصدمات اللي اتعرضنالها يعني شفاءنا منها بسهولة. صحيح العلاج النفسي مهم، لكنه مش عصاية هاري بوتر هتسحرنا وتشفينا.

ولا دائرة القضاء في بلادنا العربية ولا في أي مكان منصفة لينا، والقانون مهما كان حازم، تطبيع المجتمع مع الجرائم ممكن يضعف تنفيذ القانون ويعطله، وأن القائمين على تنفيذ الأحكام هم نفسهم محتاجين يتعلموا أكتر عن نوعية الجرائم اللي بيتعاملوا معاها، لأن لو في قاضي شايف إن لبس الست جزء من أسباب التحرش؟ هيحكم إزاي بالعدل؟ وحتى لو رؤيته مش هتأثر على تطبيق القانون، وهيطلع عادل 100%، عدم وجود أدلة للاستناد عليها في قضايا الاعتداءات لازم يتم النظر فيه مرة تاني ويبقى له بديل.. لأنه مش هنمشي بكاميرا في كل حتة حتى في أوض نومنا في بيوت أهالينا!

رسايل سريعة التحضير .. مضرة بالصحة!

المشكلة في النوعية دي من الحلول، ورسائل الإندومي سريعة التحضير دي، أنها بتبين أن القصة سهلة كده وخلاص بتخلص، وأنك أنت يا بني آدم اللي مش عارف تاخد خطوة لوقف العنف،

وأنتي يا هانم اللي مش عارفة تقولي لأ وتفضحي المتحرش اللي ممكن يكون أبوكي عادي …

وأنك يا مرأة محتاجة تثوري وتتحرري وتستقلي وأنتي مش لاقية تاكلي ولا بتشتغلي عادي…

وأنك يا راجل محتاج تكون ناشف كده عشان تحمي عائلتك ولا تتأثر لحظة لأنك مش إنسان عادي أنت راااجل!

وأن الثيرابي أو العلاج النفسي مش بمليون جنيه وسهل جداً إن أسرة تحت خط الفقر تروح لطبيب نفسي ويخرجوا كلهم زي الفل،

ده حتى الإندومي بتاخذ وقت في تحضيرها أكتر من كده!

على قد ما مهم نناقش كل قضية شوفناها في الدراما السنة دي، بس مهم برضه نبعد عن فخ النمطية والضحية المثالية اللي مفيش شك هتتعاطف معاها، ونروح لسيناريوهات واقعية من انعدام العدالة، وعدم وجود حل واضح او حل صريح كده، وأن الخسارات الناتجة عن التعامل مع المشاكل أكبر بكتير من المكاسب، وده مش معناه أن الناس تصاب الاحباط وماتحاولش تحل مشاكلها أو تواجهها، لكن ندي للناس معلومات كاملة عشان قرارتهم تبقى واعية ومستنيرة ونتائجها يقدروا يتحملوها، دون تمجيد لنتائج القضايا دي وتلميع زائف للعدالة.

في النهاية، اللي حصل في دراما رمضان 2025 ماكانش فتح للعيون، قد ما كان “زغللة مؤقتة”.. خضّة كده على السريع، نرجع بعدها نطفي النور ونقفل الباب ونسحب الغطا. لأن الحقيقة أكبر بكتير من جملة مؤثرة، وأوسع من مشهد صراخ، وأوجع من النهاية السعيدة اللي فيها الكل بيحضن الكل والدنيا بتمطر عدالة!

القضايا اللي اتحكت، لو كانت بتتكلم، فهي مازالت بتهمس، بتستأذن، وبتلبس لبس حشمة كده ومتأيف عشان تبقى “صالحة للمشاهدة الأسرية”، بينما الواقع عريان، مجروح، ومستخبي في أوضة الضيوف اللي محدش بيدخلها عشان محدش يقول عننا بننشر غسيلنا الوسخ ولا حاجة!
فـ شكراً يا دراما إنك حاولتي… بس المرة الجاية، يا ريت تبطلي تقدمي لنا الكارثة على هيئة مشهد متوضب وموسيقى حزينة، إحنا زهقنا من “التروما المصقولة” المتنضفة دي… وعايزين نسمع الحكاية بصوتها الخشن، وهي لسه بتنزف ونشوف ساعتها نبدأ منين!

كتابة: